المحكمة .. تقضي بإثبات البنوة وتسجيلها في السجلات الرسمية من الزواج العرفي
حيثيات حكم الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، برئاسة أحمد الشاذلى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين خالد طلعت وأسامة عبد الرحمن منصور وحازم اللمعى وسمير عبد المقصود، بإلزام الجهة الإدارية المختصة بقيد نجل سيدة من زواج عرفى فى سجلات مصلحة الأحوال المدنية بصفة مؤقتة بالاسم الذى ذكرته إلى أن تقضى المحكمة المختصة فى واقعة ثبوت نسبه إلى والده.
وألزمت المحكمة فى حكمها وزارة التربية والتعليم بقبول الطفل فى إحدى المدارس التى تتناسب مع مرحلته العمرية. حيثيات الحكم وشيدت المحكمة قضاءها على أنه فى ضوء أحكام الدستور المصرى وقانون الطفل وقانون الأحوال المدنية، فإن المشرع أعلى حق الطفل فى نسبه إلى والديه وحصوله على اسم يميزه فى المجتمع ويحفظ له كرامته وإنسانيته ويتمتع بكل الحقوق ومنها الحق فى التعليم والصحة، وهى حقوق أولى بالرعاية والحماية لكون الصغير يقع فى مركز قانونى أعلى مما قد يثور من خلاف حول صحة العلاقة الزوجية أو ثبوت النسب لوالديه أو أحدهما.
وأضافت المحكمة أنها تقرع باب المشرع والمنظمات المعنية بشئون الطفل أن تتقصى بالبحث والدراسة المشكلات الناتجة عن الزواج العرفى، الذى تتخلى فيه الأم عن حقها فى إثباته إما جهلا أو قهرا ومع ضعف الخلق والدين تكون ثمرته ضحية الحرمان من حق يلتصق بالحق فى الحياة.
الدستور
وذكرت المحكمة ضمن أسباب حكمها أن المشرع الدستورى حرص على التأكيد على حقوق الطفل بحسبانه أضعف حلقات الأسرة وثمرة قيامها، وتلك الحقوق إنما تشكل فى المقابل التزاما على الدولة وعلى الوالدين كل فى إطار المسئولية الملقاة على عاتقه، وذلك على نحو قاطع لا لبس فيه وأولى هذه الحقوق حقه فى الحصول على اسم وأوراق ثبوتية حماية له ولبنيان المجتمع، وكذا تطعيم مجانى، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة وتغذية أساسية ومأوى أمن وتربية دينية وتنمية وجدانية ومعرفية من خلال إتاحة السبل اللازمة لتعليمه فى سن مبكر، ومن ثم بات لازما على الدولة أن يكون هاجسها ومحركها الأساسى فى كل ما تتخذه من إجراءات حيال الطفل هو تحقيق المصلحة الفضلى له ورعاية حقوقه المقررة دستوريا والتى غدت حقوقا شخصية للطفل بوصفه كذلك لا يجوز الانتقاص منها أو التعدى عليها بأى قانون تتخذه الدولة.
قانون الطفل
وقالت المحكمة فى حيثياتها إن المشرع فى قانون الطفل حرص على ضبط عملية قيد الأطفال وحمايتهم بنسبة الطفل إلى والديه باعتباره أحد حقوق الطفل الدستورية التى تدعم حقه فى الحياة الآمنة فى بيئة اجتماعية ودينية صالحة، فقرر الإبلاغ عن واقعة الميلاد خلال خمسة عشر يوما من تاريخ حدوثها وحدد حصريا الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة ومنهم والد الطفل إذا كان حاضرا أو والدته شريطة إثبات العلاقة الزوجية، وأبانت اللائحة التنفيذية للقانون الإجراءات الواجب اتباعها فى حال عدم قيام الأم بإثبات تلك العلاقة، وتتمثل فى تقديمها إقرار كتابى منها بأن الطفل وليدها وبشهادة القائم بالتوليد بواقعة الميلاد، ويتم فى هذه الحالة قيد المولود بسجلات المواليد ويدون اسم الأم فى الخانة المخصصة لذلك، ويثبت للمولود اسم أب رباعى يختاره المسئول عن القيد، ولا يعتد بهذه الشهادة فى غير إثبات واقعة الميلاد، مع إثبات ذلك بمحضر إدارى يحرره المسئول عن القيد ويرفق بنموذج التبليغ على النحو الذى يصدر به قرار من وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الصحة حسبما تقضى اللائحة التنفيذية لقانون الطفل، والتى حددت البيانات التى يجب أن يشملها الإبلاغ عن واقعة الميلاد والتى يتم إدراجها فى النموذج المعد لذلك.
السلطة التشريعية
وأوضحت المحكمة فى حيثيات حكمها أن القضاء الإدارى بذلك لا يعتدى على السلطة التشريعية فهو لا يضع قانونا ولا يتعدى كذلك على جهة القضاء المختصة بالفصل فى منازعات الأحوال الشخصية، وغاية الأمر أنه يوازن بين ممارسة الحقوق لكل من المرأة والرجل فى عقد الزواج العرفى فى قيد طفلهما ثمرة هذا الزواج وكذا حق الطفل ذاته فى الحصول على اسم يميزه ويضمن عدم امتهان كرامته الإنسانية، وبيان أى من تلك الحقوق أولى بالرعاية فى نظر الدستور القائم وبمراعاة القواعد الإنسانية التى استقرت فى وجدان المجتمع لا يحدها فى ذلك إلا تحقيق الصالح العام، وقضاء المحكمة فى هذا الشأن هو قضاء كاشف مقصور على المنازعة محل الدعوى ذاتها فى ضوء تقديرها لوقائع المنازعة المطروحة عليه وأدلتها دون أن تتقيد محكمة أخرى بهذا القضاء بل ودون أن تتقيد هى نفسها به فى قضية أخرى تنظرها بعد ذلك.
وبهذا الحكم تكون المحكمة قد أقرت مبدأ جديدا لحق الطفل، من الممكن أن ينهى الجدل الدائر حول نسب الطفلين فى قضية الفناة زينة وأحمد عز.